البريد الالكتروني الخاص بالمجلة :  عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

كلمة رئيس التحرير قواسمي مراد  

إلى روح الفقيد: برياح مختار 

ما لهذا الإنسان !

كتب نيتشه في زمنٍ مَا "هذا هو الإنسان"، وسأل فوكو عن الإنسان، واستجمعه هيدغر في صورة أعمّ، صورة الدزاين. أن يكون هذا الكائن دزايناً أو إنساناً أو فناناً... كلّها تساؤلات تراهن الفكرَ وتستدعي الذّكرَ، وأن نتناقش في ما يتركه من بصمةٍ أو أثرٍ، شيءٌ أقربُ إلى البداهاتِ وممارسةِ العاداتِ، غير أننا لم نتساءل يوما ما: ما لهذا الإنسان؟!

إنّه يكتب ليواجهَ الموتَ، ويبدع بأنامل الفنان، ينسج الأفكار ليحلّق بها بعيدًا عن عالَمِ القَتاَمَةِ والانتحار، يَتَمَسْرَحُ بجسده، يقول مخيّلتَهُ نِكِايةً في الاندثارِ، يقول بقاءَهُ بكلّ تشظيات وجودهِ ولكنّه في الأخير...يندثرْ...يفنَى، يموتُ أو ينتحرْ !!!

هل الحياة حياة من أجل الموت؟ أم الحياة حياة الموت؟ في الثانية نقطة نهايةٍ! أما الأولى فهي التي تستدعي سؤال: ما لهذا الإنسان! وبتعجّبٍ كبيرٍ يتحرّكُ التِّسْءَالُ! لأنّ الحياة من أجل الموت تكون باعتباراتٍ إنسانية وفنّية أكثَرَ من أي شيءٍ...الإنسانُ طُلْسُمٌ فنيٌّ وأنطولوجيٌّ، سعيه في ترك البصمةِ كبير وفي قول الأثَرِ، في الما-بعد، وَفِير، من بعد تَشَانُجٍ مع الحياةِ بالعُسْرِ عَسِير...والأدهى أن كلَّ من يستوعبُ خطّةَ الطّبيعةِ وَتَخَاطِيطَ القَدَرِ مُعلِناً التَّحَدِّي ظاهراً بالتَّبَدِّي في وعي هذه اللحظةِ والعمل لأجلها يَنْخَطِفُ بالموت، يخضع للعبة التَّخَفّي...لحظة بدء وعي الموت...اتجاه الموتِ، نحو الموتِ...ما لهذا الموتُ؟! هل صارَ رَفيقَ الدّربِ علين الكربِ؟ لعين القُرْبِ...

الكل يبحثُ عن زهرة الخلود، في الفن في الكتابة وقول الكآبة، في الاعتراضِ تعبيرا عن قوة الإعراضِ، في البعد والاقتراب... لأنَّ الكلَّ يعي بدءَ موتِه...غلغامش أيضا...لحظةَ بدءِ وَعْيِ الموتِ ماتَ، حين بحثَ عن خلوده وَجَدَ الموتَ. الموتُ هو الخلودُ...الفنُ، الكتابةُ، الصداقةُ...كلُّ تجربَةِ موتٍ وحياةٍ تنتهي إلى الموتِ...وها هم كلّ أحبائنا يموتون تباعًا...ما لهذا الإنسان؟ كَمْ يموتُ هذا الإنسان! ويستمرّ موت الإنسان !!!

دراسات العدد 14 _ الفن والإنسان: أسئلة الفلسفة 

الصادرة 27 ديسمبر  2020

تحميل الفهرس: سلسلة الأنوار العدد 14، ديسمبر 2020   

تحميل الواجهة، سلسلة الأنوار العدد 14، ديسمبر 2020