
خدمة جوجل للترجمة مبدا عملها وكيفية الاستفادة منها
د.نورة محجور، قسم الترجمة، جامعة معسكر
مخبر الانساق والبنيات والنماذج ،جامعة وهران2
توطئة:
طورت شركة “Google " خدمة: ترجمة جوجل "Google Translate “ لترجمة النصوص والمحادثات والصور والمواقع انيا ومجانيا. اعتمدت الخدمة في البداية على الترجمة الالية الاحصائية " Statistical Machine Translation"؛ أي على الترجمة الالية في شكلها التقليدي الى ان تحولت في نوفمبر من عام 2016 إلى الترجمة الالية العصبية “ Neural Machine Translation " ،التي تعتمد أساسا على الذكاء الاصطناعي و لغات البرمجة . والبحوث تتحدث اليوم عن الترجمة التفاعلية العصبية التنبئية العميقة ما يعرف ب " Deep Neural Interactive Translation Prediction”. والذي تطوره شركة “Systran " التي تعد واحدة من أقدم الشركات في مجال الترجمة الالية في قسم الدفاع بالولايات المُتحدة، وقد قامت هذه الشركة بتوفير برامج لترجمة الالية جد متطورة لكن في ميادين متخصصة كالإعلام والدفاع والتجارة والمالية.
تعتمد خدمة جوجل لترجمة -أساسا- على مبدئ خوارزميات الذكاء الاصطناعي؛ فهي تتعلم من الأنماط والتكرارات التي يتم بها ترجمة العبارات إلى لغات أخرى على الشبكة، وعلى لوغاريتمات مُعقدة للحصول على أكثر الترجمات دقة، إلاّ أنّها -بالطبع- لا ترقى لمستوى جودة الترجمة البشرية.
ففي وقت مضى كانت تقدم خدمة جوجل لترجمة ترجمات مضحكة لا تمت لا لسياق العام ولا للمعنى بصلة، لا نها كانت تقوم -اساسا - على مبدا القواميس ثنائية اللغة القائمة على الترجمة "بكلمة مقابل كلمة". فعلى سبيل المثال، كان الناتج لمقابل الكلمة الفرنسية : "Pomme de terre " في اللغة العربية هو : "تفاح الأرض " عوض: " بطاطس "،غير انه وبعد ان طورت شركة جوجل نظام الترجمة الالية العصبية " Neural Machine Translation " فان النتيجة أصبحت "بطاطس " مباشرة، هذا على مستوى المفردات اما على مستوى الجمل -خصوصا -الطويلة منها او النصوص النفعية البراغماتية فإنها تقوم باستخدام شبكة عصبية ضخمة ذات ذكاء اصطناعي قادرة على التعلم العميق من خلال جمع وانتقاء واستخدام الملايين من الأمثلة المترجمة ، و يقوم هذا النظام بتحسين الترجمة من خلال استخدام سياق الكلام ليصل إلى أفضل ترجمة ممكنة، وبعد ذلك يتم ترتيب الترجمة، وأقلمتها لتصبح متوافقة مع قواعد الترجمة البشرية.
اما على مستوى النصوص الادبية او القريبة من الاسلوب الادبي وكذا النصوص العلمية المتخصصة نحو النص الفلسفي مثلا، فالأمر غاية في التعقيد وقد نذهب الى الجزم باستحالة الترجمة الالية ومن ثم ترجمة جوجل لمثل هذا النوع من النصوص؛ لصعوبة المصطلحات ومقابلاتها في اللغات الاخرى والتي تكون في اغلب الاحيان خاطئة او غير دقيقة.
نحو استعمال أمثل لخدمة جوجل لترجمة من والى اللغة العربية
يجمع المتخصصون في البرمجة والذكاء الاصطناعي على حقيقة الاختلاف القائم ما بين الأنظمة اللغوية البشرية الأكثر استعمالا في الوقت الراهن، غير ان الجهود لا تزال مستمرة لفهم وتطوير برامج للترجمة الالية أكثر نجاعة على الشبكة؛ على نحو ما يقوم به القائمون على تطوير خدمة جوجل للترجمة. وهذه جملة من الارشادات لتحسين مخرجات خدمة جوجل لترجمة من العربية الى الإنجليزية ومن العربية الى اللغات العالمية الأخرى:
- الترجمة من العربية الى الانجليزية:
في حال الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، ينصح باستخدام العربية الفصحى البسيطة والجافة الشبيهة بما قد يوجد في المواقع الإخبارية، والابتعاد عن التعبيرات البلاغية. كما ينصح باستخدام بنية الجملة التي تبدأ بالاسم ثم الفعل كما في بنية الجملة الإنجليزية، مثلا: " مخبر الانساق والبنيات والنماذج" نظم يوما دراسيا حول التواصلية. بدلا من: نظم "مخبر الأنساق والبنيات والنماذج" يوما دراسيا حول التواصلية
بالإضافة الى الابتعاد عن توظيف الجمل العربية الطويلة فحينها قد يتبع الفعل أكثر من عشر كلمات قبل ورود الفاعل او المفعول به، مما يجعل من الصعب على خدمة جوجل لترجمة أن تنقل الفعل إلى مكانه الصحيح في الجملة الإنجليزية، بل إن كثيرا من أنظمة الترجمة الآلية تحذف الفعل بالكامل. وينصح في حال عدم القدرة على مراجعة الترجمة من قبل مترجم متخصص بأن توضع عبارة "هذا النص ترجم بواسطة ترجمة جوجل" لتنبيه القارئ إلى احتمال وجود إشكالات في المعنى، او ان يتم مراجعته يدويا، ويفضل أن يكون المراجع ملما بموضوع النص المترجم ضمانا للمعنى.
- الترجمة من العربية وإلى اللغات العالمية الأخرى غير الإنجليزية:
أما بالنسبة للترجمة من العربية والى اللغات العالمية الأخرى (غير الإنجليزية) او العكس، فأن خدمة جوجل للترجمة تستخدم منهجا يسمى بـ “التجسير Bridging "، حيث تستخدم الإنجليزية كجسر بين العربية واللغة الثالثة، مثلا للترجمة من الالمانية إلى العربية، تقوم ترجمة جوجل بترجمة النص الالماني إلى الإنجليزية أولا ثم منها إلى العربية. وهذا قد يسبب أخطاء إضافية. فعلى سبيل المثال، تستخدم كل من اللغتين العربية والالمانية التذكير والتأنيث للجمع، أما الإنجليزية فليس فيها ذلك. كما أن الكلمات التي تحتمل أكثر من معنى تؤدي إلى ضياع في المعنى.
فإذا اردت ترجمة كلمة من العربية إلى الفرنسية على سبيل المثال، سيتم ترجمة العربية أولا إلى الإنجليزية، ومن ثم سيتم الترجمة من الإنجليزية إلى الفرنسية، وبالطبع تحدث كل هذه العملية في أقل جزء من الثانية. مما يعني أنّه عند الترجمة بين لغتين ليس بينهما الإنجليزية، تقوم خدمة جوجل لترجمة بإتمام عمليتين متتاليتين وهذا ما سيزيد من معدل الضياع في الترجمة على حد تعبير الدكتورة المترجمة "جينا أبو فاضل"، ضف إلى ذلك، أنّ هناك بعض اللغات التي يزيد فيها عدد العمليات عن اثنين. فعلى سبيل المثال لا الحسر: إذا أردنا أن نقوم بترجمة كلمة من الكتالونية إلى الصينية، سيقوم الموقع أولا بترجمة الكلمة الكتالونية إلى كلمة إسبانية، وهي أصل هذه اللغة، ومن ثم يقوم بترجمة الكلمة الإسبانية إلى كلمة إنجليزية، وبعدها من الإنجليزية إلى الصينية، وذلك يتم أيضا في جزء من الثانية.
ومنه فانه على الرغم من مساوئ خدمة جوجل لترجمة الا ان هذا النظام حاكى وقارب بشكل أكبر من المستوى البشري للترجمة، كونه استطاع التغلب على العقبات التي كانت تواجه التواصل البشري في اقل وقت ممكن وبالمجان. ولا تزال البحوث قائمة في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير الترجمة الالية لمحاكات وتحقيق الدقة والمردودية التي تتفرد بهما الترجمة البشرية.
لمزيد من المعلومات ينظر :
N Habash, F Sadat , Arabic preprocessing schemes for statistical machine translation- Proceedings of the Human Language Technology …, 2006
Turovsky, Barak (April 28, 2016). "Ten years of Google Translate". Google Translate Blog. Retrieved December 24, 2019.
Yonghui Wu,and al ,Google’s Neural Machine Translation System: Bridging the Gapbetween Human and Machine Translation,arXiv:1609.08144v2 [cs.CL] 8 Oct 2016
جينا أبو فاضل سعد،المترجم في عمارة النص،منشورات جامعة القديس يوسف،بيروت،2005 ،ص11.
- التفاصيل
- كتب بواسطة: مسير الموقع
- انشأ بتاريخ: 23 جويلية 2020