التمثلات الاجتماعية لفيروس السيدا في المجتمع الجزائري

 

 

المؤلف : د.حمال ختو

المؤسسة: قسم علم الاجتماع، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران2

للإتصال بالمؤلف : عنوان البريد الإلكتروني  عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مخبر البحث  : الأنساق، البنيات، النماذج والممارسات، جامعة وهران2

 

 

 

 

 

 

 

المعرفة حول فيروس السيدا هو خليط بين المعرفة العلمية والمعرفة الساذجة والذي يهمنا نحن كمختصين في العلوم الإجتماعية هي المعرفة العامية أو الإعتباطية أي بصفة عامة التمثلات الإجتماعية حول هذا الفيروس.

         تشكلت التمثلات الاجتماعية لفيروس السيدا تحت تأثير عمليات اجتماعية وثقافية خاصة بالمجتمع الجزائري. ففي غياب دواء فعال ضد داء السيدا، اعتبرت المعلومة والوقاية الوسيلتين الوحيدتين المتوفرتين لتجنب الإصابة بفيروس السيدا. وبهذا تجاوز فيروس السيدا بعده الطبي ليصبح ظاهرة اجتماعية، حيث لا يتم تفسير أسبابه وطرق انتقاله بالاستناد إلى المعرفة العلمية فقط بل يعتمد أيضا على المعرفة غير العلمية والعامية.

         فيما يتعلق بالتمثلات الاجتماعية المهيمنة في الجزائر، يمكننا أن نقول أنها بشكل عام بعيدة جدا عن المعرفة العلمية المتوفرة على المستوى العالمي والوطني، حيث تمثل بناء اجتماعيا بامتياز.

         يتضح من خلال تحليل التمثلات الاجتماعية أن الأشخاص المصابين هم دائما محل تمثل سلبي، فالسيدا حسب أفراد المجتمع الجزائري هو مرض مرتبط دائما بشكل كبير بالسلوكات الجنسية للأشخاص المصابين به، لذلك فإن السيدا هو محل إدانة شديدة ويعتبر مصيبة يتحمل وزرها المصاب بمفرده.

         الخطاب حول فيروس السيدا يهيمن عليه التفسير الديني، إذ أن مدلوله وأسبابه وطرق انتقاله والوقاية منه كلها تجد تعليقا لها باسم الدين الإسلامي، حتى عندما يتعلق الأمر بشرح إصابة الأشخاص المعتبرين كضحايا يتصدر الخطاب الديني الواجهة.

         في المجتمع الجزائري، يعتبر فيروس السيدا عقوبة إلهية وقدر محتوم لمن يخرق القواعد الاجتماعية والقيم الأخلاقية المحددة من طرف الدين الإسلامي. وبالتالي فإن الحاملين لفيروس السيدا يتم اعتبارهم كمذنبين ومسؤولين عن هذه المصيبة، ويتهمون على أنهم ارتكبوا إثما وتجاوزوا القواعد الإلهية.

         ينسب فيروس السيدا "للآخر"، أي الشخص الأكثر غربة عن الفرد الجزائري، والذي يختلف عن ثقافته ودينه ونمط حياته. فالخطاب حول داء السيدا يقتات من التمييز الموجود مسبقا بسبب كره الأجانب، الاختلافات في العلاقات الإجتماعية الجندارية، العنصرية وكراهية الشذوذ الجنسي.

         تتضمن التمثلات الاجتماعية فهما خاصا بنمط الإصابة التي تتم أيضا بمجرى سوائل الجسم بخلاف المني والدم، وبشكل خاص الريق والعرق، وغيرها. صحيح أن هذا الوهم والتخوف من العدوى راجع إلى نقص المعلومات، إلا أن لها أيضا قيمة رمزية.

         يرجع المجتمع الإصابة بفيروس السيدا إلى تصرفات المنحرفة والمحظورة التي قام بها الفرد، إذ يعاقب بإقصاءه وإبعاده من كل تعامل اجتماعي ويتجلى ذلك في رفض لمسه ومشاركة الأشياء معه. نستنتج في حقيقة الأمر وجود تصور لعدوى رمزية "الله يعاقب هذا الشخص بفيروس السيدا والأفراد يعاقبونه بإقصائه من كل تعامل".

فلسفة و ثقافة

علوم اجتماعية

علوم انسانية

أدب و ترجمة