حضور الموقف الفلسفي في النقد الأدبي والفكري- قراءة في كتابات د.غزلان هاشمي-

 

  الأستاذ الباحث: المرحوم  بن نحي زكرياء 

جامعة سعيدة/ باحث بجامعة وهران2، قسم الفلسفة

من أرشيف المؤتمر: خطاب النسوية و الثقافة العربية الإسلامية المعاصرة (2014)

  

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

الواقع أن لحظة البحث عن أنوذج نسوي كأرضية عمل لهذه الورقة البحثية رافقتها حيرة وتردد، ولم يكن قرار اختيار كتابات غزلان هاشمي[1] ليخلو من الصعوبة نظرا للحضور المتزايد للمرأة العربية بعد التحولات المتسارعة التي شهدتها مجتمعاتنا العربية على المستوى السياسي والاجتماعي خاصة، امتدت قبيل ما عرف بالربيع العربي وبعده، تلك التحولات التي وإن كشفت عن حقيقة أن الشارع العربي قد سبق بكثير نخبته التي آثرت عالمها الخاص وحديث التنظير داخل القاعات المكيفة بما يكشف عن هوة كبيرة بينهما من جهة، فقد كشفت أيضا عن ما يمكن تسميته بإرهاصات مشروع نخبوي شبابي حيوي ومتجدد، بالنظر إلى تنوّعه ونوعيته، والذي عكس بالفعل انخراط الشباب المتعمق في قضايا المجتمع تنظيرا وممارسة، وإننا لنلحظ مخاض ميلاد نخبة عربية جديدة بدأت ترتسم ملامحها في أفق تسارع وتنوع الأحداث التي ربّما استعصت على النخبة، التي قد تلازمها صفة الكلاسيكية خلال بعض السنوات القليلة اللاحقة، وإن أهم ملمح في مشروع النخبة الجديدة هذا قد يكون تحطم هيمنة الكتابات الذكورية وانحصار سلطتها ومعياريتها وبالتالي مركزيتها. إذ الملاحظ أن العنصر النسوي سجّل حضورا قويا مما جعله يشكل أحد المكونات الأساسية للحراك العربي الراهن. وقد ظهرت أسماء نسائية كثيرة ومتنوعة تناضل من أجل أخذ مكان لها في عملية إعادة التموقع والتموضع بين الخطابين الذكوري والأنثوي، التي رافقت تلك التحولات التي أحدثت رجّة داخل المجتمعات العربية كانت إحدى إفرازاتها ظهور جيل من الباحثات في جميع الألوان الأدبية والفكرية، وبمستويات مختلفة تتراوح بين الأكاديمية وغير الأكاديمية كالمدوّنات مثلا، وصولا إلى مستوى تسجيل الحضور من خلال النضال السياسي اليومي في الساحات والميادين. والحق أنه قد خالجتني عدة أسماء لحظة الاختيار تلك، أبرزها يمنى طريف الخولي بحكم تخصصي في فلسفة العلوم، ونفين ملك  المحامية وعضو حزب الوسط المصري بحكم الهوس بالسياسة ومتابعة الحراك السياسي العربي الراهن، ولكن وقع الاختيار في النهاية على الجزائرية غزلان هاشمي، لأسباب ذاتية نابعة من كونها جزائرية أولا، ولاهتمامي بإنتاجها منذ مدة ليست بالقصيرة ثانيا؛ بالإضافة إلى أسباب موضوعية تمثلت في أنها أكاديمية شابة تسجل حضورها المستمر بكتابات لا تقف عند حدود تخصصها الأدبي بل تحاول أن تتعداه إلى ما هو فكري، بل وفلسفي، كما أفصحت هي عن ذلك في عديد المناسبات التي تواجدت فيها كتابة أو حوارا. إضافة إلى تميزها بمحاولة أخذ مكانتها من خلال استغلال الوسائل التكنولوجية الحديثة في كتابتها وفي مقدمتها النشر الالكتروني والكتابة الفيسبوكية[2] لإيصال أبحاثها وآرائها لأكبر عدد من القراء وبالتالي تمكينها من اخذ أكبر قدر ممكن من القراءات النقدية بغية إثرائها بما يسمح بمراجعتها وتثمينها، قبل نشرها بشكل أكاديمي، تلك إذن إستراتيجيتها التي أسميها إستراتيجية المزاوجة بين الأبحاث الأدبية والدراسات الفكرية والفلسفية من جهة وبين النشر العادي والالكتروني أي بين التوجه بالخطاب للعالم الواقعي والافتراضي.

كان القرار إذن بالاشتغال على نصوص غزلان هاشمي، ضمن فعاليات مؤتمر خطاب النسوية المنعقد بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة وهران، فحملت المداخلة عنوان:" حضور الموقف الفلسفي في النقد الأدبي والفكري – قراءة في كتابات غزلان هاشمي.

وقد قصدنا من ورائها إلى مقاربة الإشكال التالي:  

إلى أي مدى يمثل المنجز الثقافي في الجزائر فعلا إبداعيا حرا؟، وبمعنى أدق: هل يمثل انفعالا وردّة فعل عن كتابات الآخر الذكوري أم أنها فعل إبداعي ينم عن فكر متحرر؟، وهل هو خطاب تبريري منغلق على الذات أم ممارسة نقدية متفتحة على الآخر؟

 وقد اقتضت منا الضرورة المنهجية قراءة تحليلية نقدية لأهم منجزات غزلان هاشمي الأدبية والفكرية – مقالات ومؤلفات - مستهدفين بالخصوص مؤلفيها الرئيسين:

1- تعارضات المركز والهامش في الفكر العربي المعاصر- عبد الله ابراهيم أنموذجا[3]-

2- تعالقات النص وانفراط الهوية – قراءة في النص الأدبي العربي[4]-

وقد ترتب عن هذا المسار التحليلي النقدي ضرورة تناول الموضوع من خلال التطرق للعناصر التالية:

أولا: لماذا غزلان هاشمي؟

ثانيا: الأعمال الفكرية وحضور المعرفي والموقف الفلسفي

ثالثا: الأعمال الأدبية كتجسيد وتطبيق للمواقف الفكرية: النقد وممارسة التأويل على نصوص أدبية مختلفة( الشعر- القصة القصيرة - الرواية).

 

أولا: لماذا غزلان هاشمي؟

   غزلان هاشمي من مواليد 22مارس 1982 بسوق أهراس، أستاذة الآداب العالمية والأدب المقارن بجامعة محمد الشريف مساعدية بسوق أهراس، قاصة وباحثة في مجال الفكر والأدب والقانون والشريعة الإسلامية، حيث كتبت في عدد من المجلات والمواقع والجرائد الجزائرية والعربية...، عضو الاتحاد العام للكتاب الجزائريين.

   أشرفت على موقع الأساتذة الباحثين في المغرب الأقصى رفقة مجموعة من الدكاترة المغاربة منذ عام 2008 ، وأنشئ الملحق الثقافي بجريدة الشعب الجزائرية احتفاء بكتاباتها، شاركت في عدد من الملتقيات الأدبية، حصدت جوائز عديدة، منها جائزة قضية شهر نوفمبر بمركز أسبار للبحوث والإعلام والدراسات بالسعودية عن بحثها الموسوم بـ"التحيز الأيديولوجي في التمثيلات الخطابية الغربية " وفازت للمرة الثانية بذات المركز بقضية شهر" مارس" عن بحثها الموسوم بـ"المثقف العربي: الإمكان المفقود وراهن التغيير" أصدرت كتابها الموسوم بـ" تعالقات النص وانفراط الهوية دراسة في النص الأدبي الحديث " عن دار تموز للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق سوريا، قدم له الباحث والناقد العراقي الدكتور كريم المسعودي أستاذ النقد الحديث بجامعة القادسية، كما صدر لها كتاب آخر موسوم بـ" تعارضات المركز والهامش في الفكر المعاصر" عن دار نيبور بالعراق، شاركت في كتاب نقدي حول تجربة الشاعر العراقي مكي الربيعي مع مجموعة من الباحثين المغاربة والعراقيين والأردنيين والأتراك، صدر عن مطبعة الديار العراقية بالعراق تحت عنوان" مرثية دم على قميص قتيل". كما صدرت لها مجموعة قصصية موسومة بـ" لك...أهدي عودتي" عن شركة الارتقاء المعرفي بالسعودية، وعن ذات الشركة صدر لها كتاب "هواجس فكرية"، كما صدر لها كتاب نقدي مشترك مع مجموعة من الباحثين العرب عنوانه" الأدب وفلسفة اللغة " عن دار نيبور تحت إشراف الباحث المغربي الدكتور مصطفى شميعة وكانت دراستها موسومة بـ" المثول المحايث للذاكرة ومركزية الغياب ـ قراءة في رواية ذاكرة للنسيان لمحمود درويش"، وترأس حاليا هيئة تحرير المجلة الدولية المحكمة " جيل الدراسات الأدبية والفكرية " الصادرة عن مركز جيل البحث العلمي بلبنان.

ثانيا: الأعمال الفكرية وحضور المعرفي والموقف الفلسفي:

   اثناء قراءة نصوص غزلان هاشمي نصطدم بحضور مكثف لبعض المفاهيم كالتمركز التعالي، التحيز، الاقصاء، التهميش، التعدد، الاختلاف، الاحتفائية، الامكانات الوجودية، الإنوجاد... وبعض الثنائيات التي تتلازم فيها مصطلحات من قبيل الأنا / الأخر، الحداثة / ما بعد الحداثة، مركز/ هامش... ولأنه لكل كاتب أو مفكر أسلوبه ومصطلحاته التي تكشف عن توجهه الفكري، يبدو من السهل أن نلحظ اصطفاف الباحثة غزلان في صف كتّاب ما بعد الحداثة وأيضا تأثرها ببعض من اشتغلوا عليها من مفكرين عرب معاصرين.

وبالتالي فهي تعرف بنفسها من خلال كتاباتها التي تنتصر فيها إلى قيم ما بعد حداثية وفي مقدمتها الهوس بالمختلف والمغاير، والانفتاح على الإمكان والتعدد والاحتفاء بالهامشي والمقصي والمنسي في مقابل رفض التمركز، الثبات والانغلاق، وهو ما يبرّر لها اعتمادها المنهج التأويلي في قراءة النصوص، حيث يشكل النقد المعول الرئيس في عملية تحطيم كل مركزية مهيمنة، ويضفي مشروعية على تلك القراءات. ذلك أنها تنظر إلى ما بعد الحداثة على أنها حركة أو تيار ظهر في ظل ظروف شهدت تأزما على كل المستويات، وكرد فعل ثار ضد كل النظريات السابقة إثر ما يمكن تسميته بحالة الانخداع في قيم الحداثة، خصوصا بعد ما افرزته الحرب العالمية الثانية من دمار وخراب بدل السعادة التي كانت تنشدها مقولات العقلانية ومنجزاتها التكنولوجية.  وهو ما خلق حالة من الشك وعجل بفتح باب المساءلة حول قيم الحداثة وكل منجزاتها وإخضاعها لمحاكمات نقدية.[5] مارستها نظريات ما بعد حداثية كالتفكيكية، النسوية، ما بعد البنيوية... تجتمع عموما حول تحطيم كل مركزية وسلطوية من خلال الاهتمام بالحواف والمهمش والاحتفاء بالتعدد والمختلف.

وتتناغم كتابات غزلان هاشمي مع الفلسفة النسوية التي " انطلقت لتقويض المركزية الذكورية بما تنطوي عليه من مركزية سادت لتعني الاعلى والأدنى... (و) فضح ومقاومة كل هياكل الهيمنة وأشكال الظلم والقهر والقمع، وتفكيك النماذج والممارسات الاستبدادية، وإعادة الاعتبار للآخر المهمش والمقهور، والعمل على صياغة الهوية وجوهرية الاختلاف، والبحث عن عملية من التطور والارتقاء المتناغم... الأكثر توازنا وعدلا "[6]    

ولذلك يصعب - في نظرنا -  فهم كتاباتها بعيدا عن نظرية المركز/ الهامش، فالعالم برأيها مركز في مقابل هامش والحقيقة الوجودية ترتحل وتتوارى عبر مسرح يتحول فيه الوجود إلى صناعة لغوية، يسيطر فيها على العالم من يتقن قواعدها.

ولكن كيف يستحيل العالم إلى صناعة لغوية، يسيطر من يتحكم فيها على العالم؟   

تتبنى الباحثة بوضوح قيم ومنطلقات ما بعد الحداثة وتأخذ بمنظور عبد الوهاب المسيري الذي يعتبرها رؤية فلسفية عامة للتفكيكية التي هي أحد ملامحها ومنهج لقراءة النصوص[7] بحيث تنطلق في عملية استدلالية من مقدمات ما بعد حداثية مفادها أن العالم مركز وأطراف، باعتباره انوجاد خضعت لتراتبيته الانسانية وفكرها المنتج؛ تمثل الأنا فيه المركز، بينما تشكل الأطراف الآخر أو كل مغاير، حيث تضفي كل أنا على نفسها صورة متعالية تتسم بالنقاء المطلق والأفضلية والقوة، في الوقت الذي تقدم صورة للآخر أو المغاير، تتشكل على أساس من الانتقاص والجهل والتحقير، وبالتالي فكل صراع بينهما هو في الأصل صراع من أجل حماية المركز وإضعاف الهامش فيه تغييب للحقائق وتلاعب بها[8]، ولأنها تتبنى ما توصل اليه عبد الله ابراهيم من نتائج مفادها " أن كل مركزية تقوم باختلاق ماض عريق أو صيرورة متعالية في مقابل تهميش الأطراف وانتقاصها عرقيا وعلميا وسياسيا... وبأن هذه الآليات ليست حكرا على فكر دون آخر، بل الفكر الانساني كله يشتغل وفق هذه الآليات في محاولة للحفاظ على الهوية وعلى الوجود ولأجل إحكام السيطرة على العالم كله"[9]

وعليه وفقا لهذا المنطق، سيغدو معه الوجود صنعة لغوية يستغلها أصحاب المركز، فيلزم عن ذلك أن من يملك اللغة ويسيطر على الخطاب هو ذاته من يسيطر على العالم.[10]

الواقع أن الانطلاق من هذه المقدمات يترتب عليه أمور كثيرة أهمها الوقوف على مفاهيم ومصطلحات بعينها تكتسي قيمة المفردات المفتاحية لقراءة نصوص الباحثة أهمها: التمركز، التحيز، التراتبية، الاختلاف... فما المقصود بهذه المفاهيم؟ وكيف يتم توظيفها ؟

ينبغي أولا، أن نشير إلى أن الباحثة تتبنى، بل وتتماهى مع الكثير من أفكار عبد الله ابراهيم والتي تناولتها في كتابها الموسوم" تعارض المركز والهامش"

1- التمركز: فعل لا يمارس إلا في ظل وجود طرفين  متقابلين ومتناقضين الأنا (= المركز) والآخر(= الهامش)  لتتولد عنها ثنائية التعالي/الانتقاص في تطابق مع ثنائية المركز/الهامش أو الأنا/الآخر، ذلك أن التمركز يعنى بإعادة تفسير كل ظاهرة وارجاعها إلى الذات باعتباره " نمطا من التفكير المترفع الذي ينغلق على الذات، ويحصر نفسه في منهج معين، ينحبس فيه ولا يقارب الأشياء إلاّ عبر رؤيته ومقولاته، ويوظف كل المعطيات من أجل تأكيد صحة مقولاته" والقول لعبد الله ابراهيم[11]، فتنشأ علاقة تصنيفية استبعادية بين الأنا والآخر لما يترتب على التمركز تراتبية مبنية على التفاضل تفضي حتما إلى تحيز للذات لحظة صياغتها للخطابات سواءً أكانت فكرية، علمية، أدبية، سياسية أو غيرها، في محاولة منها لإقصاء كل ما يخالفها، بما يفيد علاقة تلازمية بين التمركز والتحيز، تفترض إقصاء كل ما لا يدخل في مجال نظام محدد. " فأينما حل مركز وجد التحيز"[12] بالمعنى الذي يذكره عبد الوهاب المسيري، على أنه: " انسجام مجمل آليات التفكير والاستنباط المعرفي مع الأنساق الكبرى للثقافة او الحضارة التي تصدر عنها تلك الآليات"[13] مما يجعل من التمركز

" نوع من التعلق بتصور مزدوج عن الذات والآخر، تصور يقوم على التمايز والتراتب والتعالي يتشكل عبر الزمن بناء على ترادف متواصل ومتماثل لمرويات تلوح فيها بوضوح صورة انتقيت بدقة لمواجهة ضغوط كثيرة "[14].

تخلص الباحثة إلى أن كل خطاب ينشأ متحيزا للنسق الحضاري الذي يظهر فيه، حيث يشار إليه بالاتهام على اعتبار أنه يحمل في طياته رؤية أيديولوجية محددة مما يصعب معها الحديث عن خطاب برئ ونقي[15]. ذلك أن المراكز تتحدد  بالنظر الى جملة المصالح وتحتكم الى مجموعة من الرؤى الايديولوجية مما يجعلها نظرة تخضع للانحياز ويتم وفقها إعادة رسم الأدوار وترتيبها بما يضمن للذات كل مظاهر الفوقية والسيطرة، عن طريق تهميش الآخر واستبعاده[16]

 تلك هي إحدى النتائج التي تخلص اليها الباحثة، وفي نفس الوقت تشكل احدى المنطلقات والمقولات الموجهة لقراءاتها. " فكل فكر هو صورة للذات وتصوراتها ومن ثمة هي نمذجة متعالية تعتمد المعيار التفاضلي لرسم الإنوجاد"[17]. يدعم هذا تأملها للمشهد الفكري البشري الذي يكشف عن أنه خاضع في تشكيلاته لحكم قيمي إنبنى على جملة مفاهيم ومرجعيات متوارثة، وعليها كانت اسقاطات التراتب البيني، بين الذات والآخر قد أحكم وجوده وتأصّل وفق هذه النظرة"[18]. حاولت الباحثة إذن قراءة المشهد الفكري من خلال هذه المنطلقات، وقد اتسقت في ذلك – نسبيا- مع ما قدمه عبد الله ابراهيم كترجمة لمنهج النقد الثقافي الذي اعتمده في قراءة الكثير من مسلمات الفكر الغربي والعربي معا. فهي ترى راهنا " أن الأحداث اليوم تسير نحو التصاعد ونحن على حواف الحقيقة أو خارجها عاجزون عن الاسهام في صنعها، في حين استطاع الآخر أن يمتلك الخطاب ويعيد به صياغة الحقائق وفق منظوره الايديولوجي ومعها أعاد ترتيب نظام العالم."[19] لذلك فمهمّة الناقد – في نظرها - هي الكشف عن تحيزات  ثنائية المركز/الهامش من خلال كشف خيوط وتفاصيل لعبة الخطابات بإخضاعها للنقد والتأويل.

تتخذ من مشروع عبد الله ابراهيم مثالا لتلك القراءات، فهو يقدم تشريحا للفكر الغربي والعربي على حد سواء قصد فضح الأبعاد الايديولوجية لخطاباتها ومنجزها الثقافي. وفقا لذلك يتجلى التمركز الغربي كإكراه ايديولوجي من خلال:

أ- مصطلح الغرب: حيث تعمد الخطابات إلى موضعته كنموذج فوقي مكتمل في مقابل الشرق الدوني الهامشي الذي لا يكتمل إلا بالغرب، وتتحدد أهميته ومكانته أو تعدل حسب مدى مطابقته لمنظوره وتصوراته، حيث ترى يمنى طريف الخولي أن انريك دوسيل يكشف لنا في نقده للتنوير "على  أساطير أوروبية حداثية، في جوهرها استعمارية، تسربلت بأزياء العقلانية الرشيدة والحقائق الموضوعية المطلقة بغية اقصاء الأخر وإحكام مركزية الغرب وهيمنته على العالمين... فكانت أعلى صورها في الاستعمارية والامبريالية، وكان استبعاد المركزية الذكورية استبعادا للمركزية الغربية وللاستعمارية والامبريالية والعنصرية... تحريرا للشعوب من الهيمنة الغربية "[20].

 وقد تأسس مفهوم الغرب كمركزية بفضل ظاهرتي:

- الكشوفات الجغرافية: والتي يتلازم فيها اقصاء التاريخ القديم لأمريكا وطمس معالمها بعيد عبور كولمبوس للمحيط الأطلسي عام 1492، والإعلان عن هوية أوربا الغربية وذاتها بقتل الآخر واستبعاده.

- الثورة الفكرية والعلمية: والتي أسست لثنائية الغرب المتحضر في مقابل العالم الآخر المتوحش الهمجي، وأحلت الرسالة العلمية العقلية محل الرسالة الدينية ،ومن ثمة صار ... ونابت ثنائية حيوية أوربا/خمول العالم عن ثنائية الإيمان/الكفر التقليدية أو ثنائية التمدن/التوحش، والتي كرست تمركز الأنا وتعاليها عن الآخر الذي همش، من هنا ظهر الغربي بمظهر كوني، مظهر من يريد اخراج الآخر من جهله بحقيقته.[21] وليس بمظهر المهيمن والمسيطر الذي يفرض حتمية التبعية له من خلال تدميره لهوية الآخر.

بـ ـ الغرب الكوني إقصاء للمحددات الغيرية: إذ يكرّس مبدأ الاتباع للغرب، اعتبارا لتاريخه المطلق وغناء حضارته وتنوعها، وما على الآخر إلا الأخذ بأسبابها واتباع خطوتها ولن يتحقق له ذلك إلا بالتخلص من خصوصياته المسؤولة عن تخلفه والمعيقة لكل تطور. لتنبثق فكرة الاستعمار عن ضرورة تعميم النموذج الحضاري الغربي الانساني، وهو من ينهب مقومات الآخر ويحطمها بالقوة والاكراه في الواقع، بعيدا عن كل أخلاقية، وتأصيلا للعرقية ولخطابها العنيف. تماما كمحاولة فوكوياما لتأصيل فكرة نهاية التاريخ، ليس باعتبارها بقاءً لنموذج الليبرالية دون غيرها، ولكن بقدر ما هي انتصار للغرب بوصفه مركزا للكون محطم لكل انوجاد مغاير. وهو ما يثير الشكوك ويطرح التساؤلات عن حقيقة الدعوة إلى حوار الحضارات وعن جدواها ؟! في ظل واقع يغيب فيه الحق في الاختلاف والتعايش على أساس من المساواة واحترام الهويات. بل ان حالة التشكك هذه تمتد حتى لأطروحة صدام الحضارات، كما طرحها هنتنغتون، لأن الصدام يفترض وجود قوى متكافئة تتصارع، في حين أن مشروع الغرب يهدف في واقع ممارساته إلى التمكين لنموذج واحد متعالي.[22]  

 ج- العولمة:  تعتبر الباحثة العولمة آلية لتكريس كونية الغرب، ومعولا من معاول اختزال الذوات المغايرة له، فهي تعمل على تكريس الفكر الإمتثالي للغرب باستبعاد هوية المجتمعات الأخرى وكل مكوناتها القابلة للتطور. من خلال التبشير لنظرية محاكاة النموذج الغربي  كسبيل أوحد للتحضر، وهو ما يدفع بفضاءات ثقافية غير غربية إلى التمركز حول الأصول والخصوصيات الثقافية كسلاح لمواجهة المد الثقافي الغربي، وكرد فعل ضد موجة التغريب المتعالية.[23] وهو ما لا يستطيع تبيّنه إلا من يمتلك سلاح النقد لأن" ما يحدث اليوم بين المشتغلين على الظاهرة (العولمة) خلط بينها وبين العالمية وذلك لاستخدام المفهومين - في تهاون- محل الآخر، أضف إلى ذلك الخلط المتعمد لتسويغ العولمة وتسويق خطابها خارج دول المركز بإضفاء بعض صفات العالمية عليها واستخدامها لمفرداتها عبر لعبة التمويه ... وعلى هذا الأساس رأت شعوب الأطراف العولمة وكأنها الفردوس الموعود"[24]، والواقع أن أزمة الاستشراق هي من " حتم على المركز أن يعيد النظر في وسيلة الهيمنة، فحدث ذلك التحول الاستراتيجي من سلطة العقل الآداتي إلى سلطة العقل الرقمي"[25]، لكن ومع ذلك نؤكد على فكرة أننا لسنا من دعاة رفض العولمة جملة وتفصيلا والانكماش على ذواتنا، بل من دعاة التفاعل معها بروح نقدية من قبيل" تفريق بعض الباحثين بين العولمة كواقع-globalisation - والعولمة كإيديولوجيا -globalisme - فالعولمة كواقع ما نشهده هذه الأيام من تحولات معرفية تطال الانسان والعقل من خلال اكتشافات الخارطة الجينية، بينما العولمة  كإيديولوجيا تقابل العالمية ، وهذا يعني أن ايديولوجيا العولمة هي في الحقيقة عالمية جديدة وأن ما حصل هو مجرد تعديل لمسار العالمية من التدليل على الكفاية المرجعية والاجرائية لعقل الأنوار (العقل البشري) إلى البرهنة على الوثوقية المطلقة بالعقل الالكتروني الرقمي"[26]. وهو تحليل يتماشى مع موقف الباحثة غزلان هاشمي النظري من العولمة باعتبارها آلية من آليات التمركز الغربي وبين سلوكها في استثمار نتائجها[27] لمقارعة ذلك التمركز، والنضال لتكريس فكر اختلافي ينبذ كل مركزية بدءً بالمركزية الغربية ذاتها." فالعولمة هي مشروع ما بعد العالمية ... فمشروع العالمية وقع في أزمة مما استدعى توجيه سهام النقد وأفضى في النهاية الى ضرورة التجاوز وتعديل المسارـ فكان أن أثمرت تلك المراجعة ما يطلق عليه اليوم " العولمة"... فالعالمية هي الثابت الذي لا يتغير والعولمة هي المتغير الذي لا يثبت"[28] لذلك يمكننا القول أن العالمية أو الكونية تمثل هيمنة الغرب، بينما تمثل العولمة الكيفية التي يتجسد بها فعل الهيمنة ذاته.

2 ـ إشكالية التمركز في الخطاب الغربي الفلسفي:

   يتجلى التمركز في الخطاب الفلسفي الغربي من خلال  التحيز لمرجعيات إدّعت وجود خصائص نوعية تؤهل تفوق الجنس الآري على باقي الأجناس، ليظهر وكأن  الفكر الإنساني غير جدير بالاستقلال والأهلية للتحضر، فيسهل ممارسة التغييب والإقصاء اتجاهها. كما يتضح في نظرية الطبائع،  وفي نظرية الكيوف الأرسطية من خلال مؤلفه " السياسة" أو مفهوم هيجل للتاريخ[29] الذي يأخذ أبعادا فلسفية تتقصد إثبات مركزية الدين المسيحي، حيث اعتبر الحق المطلق متجليا في الديانة المسيحية[30]. ثم فيما ورثه كل من ماركس وأنجلز عن المستشرقين الذي كشف خطابهم المتمركز حول ذاته والذي قدم" صورة معقدة عن الشرق في المخيال الغربي...وكأنه موطن السحر والخرافة" [31] وهو ما يعني أن الخطاب الاستشراقي عمد إلى قراءة منجزات الشرق بمضامين غربية ترتكز إلى الاقصائية والاختزالية. وهكذا تم توظيف الأفكار ايديولوجيا بكيفية تسهل عملية الاختراق ، وهكذا تعمل الاختلافات الثقافية على تعميق الصراعات بين الحضارات.  فالنشاط الاستشراقي لم توجهه حاجة معرفية في أغلب تشكلاته ، بل حاجة العقل الغربي إلى أن يشمل كل معطيات الشرق الثقافية لإلحاقها به ضمن سياقات المركز، وإعادة انتاجها غربيا، كمكون هامشي يتم استغلاله كآلية للتمركز الغربي. ذلك أن " آفة الفكر الغربي تتركز على شيء أساسي وهو أنه لا يدرك ولا يستطيع أن يدرك أن يكون هناك فكر أخر وحقيقة أخرى (فمثلا) عندما استعمروا بلادنا أنشأوا المحاكم المشتركة لهم والمحاكم القنصلية التي تتبع قوانينهم"[32]

إن ما يميّز قراءة عبدالله ابراهيم – في نظر الباحثة- عن غيره من القراءات كمحاولة الجابري، أركون والعروي وآخرين، هو أنه حاول ايجاد بدائل ولم يكتفي بإعادة قراءة التراث وتحليله بل تعداه إلى محاولة قراءة التراث الغربي بغية كشف آليات تحيّزه. من وجهة مغايرة مضادة للخطاب الاستعماري، ترتكز إلى تبادلية في الأدوار، حيث تحولت الذات الدارسة(الغربية) إلى ذات مدروسة والذات المدروسة(العربية) إلى ذات دارسة، لفضح مركزية الغرب الاستعماري. كما فعل حسن حنفي بوضعه لمفهوم الاستغراب كمقابل وبديل للاستشراق، بغرض تعطيل آلية التمركز، واستبداله بمنطق الحوار والتفاعل المبني على احترام المغاير.[33] 

3- آليات التمركز: التمثيل وتحيزات الخطاب

اسس الغرب لتمركزه بخطاب ايديولوجي أعاد صياغة الموروث الثقافي والتاريخي والسياسي من خلال مقولة التمثيل التي تعتمد على:

أ-  آلية الطمس والاقصاء لكل الخطابات المتعارضة مع نسق هيمنته، وعبر اعادة انتاج الخطابات القديمة مع التلاعب بالنصوص بالاقتطاع من الذاكرة مثلا، حتى تساير قيمه السائدة. وهي بذلك تتبنى تحليل عبد الله ابراهيم الذي يرى أن أرسطو أقدم على بناء فلسفة عقلية مجردة أساسها عقل مطلق كوني قصد ضمان استمرارية لتاريخ فلسفي متماسك يبدأ بلحظة سقراط، وينتهي بأرسطو، مع العلم أن الفكر الغربي مارس اكراهات لإثبات الأولية الأرسطية في تأريخ الفلسفة، حيث مارس عملية دمج واستبعاد لما يخالف منظومته الفكرية، التي حاول فيها إثبات المركزية للعقل، فكان حكمه منحازا عندما وسم الفلسفة الإغريقية بأنها فلسفة العقل[34] وهو ما يعبر عنه علي حرب بمشكلة الغرب التي تكمن في نظرتهم لأنفسهم بوصفهم استثناء حضاريا من حيث قيمهم ومثلهم وثقافتهم وأنماط حكمهم وأساليب عيشهم.[35] إضافة الى نزعة الهيمنة والتوسع لفرض قيمهم بالقوة.

ب - إعادة التمثيل والتكييف الحاصل، أين يعاد تشكيل المرويات وإعادة ترتيب القيم وفق تصور يقرن الأنا بكل قيم الخير والعدل والمساواة، ويركب للآخر صورا تبخيسية تمهيدا لاستعمارها واستبعادها. وهكذا تم اقران التراث الثقافي والفكري اليهودي والمسيحي بقيم التقدم والتنوير والعقلانية، في مقابل العالم الاسلامي كرمز للشر، الظلمات، اللاعقلانية والتعصب

من هنا يتضح كيف تسهم الايديولوجيا في تقديم تمثيلا مزدوجا يقصي كل اخلاقية للآخر ويحمله بقيم تفضي الى تعارضات وتراتبات تسهل على الذات اختراقه بحجة تخليصه من ضلاله وكل ما فيه من نقيصة.[36] وإن أهم ما يميّز الفكر الغربي هو " صفة تمركزه على ذاته وعدم اعترافه بأفكار الآخرين، مهما كانت، وأنت قريب منهم بقدر ما تكون متشابها، وتترقى بقدر ما تكون متشابها، والعكس تماما، أنت غير راق بقدر ما لم تشابه، والمستشرقون قد درسوا تاريخنا كله وأعادوا بحث أفكارنا محكمين في ذلك معايير لفكر الغربي وليست المعايير المستفادة منه"[37]. إذ المشكلة ليست في الحداثة أو فيما ينتجه الغرب بل في كيفية توظيفه. ويترتب عن هذا التحليل أن العولمة شكل من أشكال التهميش. ولكن هل يعني ذلك أن الغرب وحده هو المسؤول عن وضعنا المتأزم؟

   المؤكد أننا مسؤولين نحن كذلك عن وضعنا، فكما للغرب خطاياه وايديولوجيته، لنا أيضا  خطايانا وايديولوجيتنا. من هنا يكتسي نقد كل خطاباتنا وخطابات الآخر مشروعيته، وإلاّ سقطنا في تمركز معكوس، وحتى يستمد الخطاب المضاد مشروعيته، وهو ما تفترضه  الباحثة في محاولة عبد الله ابراهيم، حين عمل على تقصي اشكالية التمركز في الخطاب الاسلامي وفي محاولته للكشف عن تحيزات التمثيل من خلال آليات أدت به إلى طرح ثقافة الاختلاف كبديل لثقافة المطابقة، مع محاولته ممارسة ذلك على نصوص الرواية  والسردية العربية. وانطلاقا من اشتغالها على مشروعه خلصت الباحثة إلى نتائج أهمها:

أ- أنه قدم قراءة جديدة حاول فيها الكشف عن تحيزات الخطاب بوصفه منتجا ثقافيا تتدخل العديد من المرجعيات في صياغته.   

ب- عالج التراث العربي والغربي كأنموذج بغرض كشف المغيب والمسكوت عنه وفضح تلاعبات الخطاب، عبر الاستنطاق والمساءلة المسكونة بهاجس الاختلاف.

ج- أصالة مشروعه لا تكمن في الكشف عن حدود التحيز، فقد سبقه ادوارد سعيد في ذلك وإنما في قدرته على استخدام آليات النقد الثقافي وبلورة خطابا نقديا طرح من خلاله فكرة الاختلاف بديلا عن المطابقة بالرغم أنه لم يستطع أن يتحرر في تطبيقه لمشروعه من المركزية الغربية التي دعا إلى ضرورة التخلص من مرجعياتها، إذ استخدم آليات غربية ومنهجا غربيا في قراءته للموروث.

د- أن عبد الله ابراهيم كان مروجا لثقافة المطابقة بعكس ما كان يدعيه طرحه النقدي، 

وإن من شأن مثل هذه الاخفاقات أن تجعل الحديث عن نصوص نقدية محايدة، من قبيل الطوباويات[38]. ولكن ما هو الحل في نظر غزلان هاشمي؟

   تعتقد الباحثة في صلاحية النقد والتأويل من زاوية الاختلاف والمغايرة لخلق بدائل مغايرة مقبولة كفيلة بتحسين أوضاعنا وتجنب كل عنف أو صراع يخرب مجتمعاتنا ذلك أن السمة الغالبة على أفراد المجتمع هو التنوع والتباين في الآراء والمعتقدات[39]  فهي الحالة الدالة على انسانية الانسان بالرغم من أن الواقع في عالم اليوم هو تضارب بين الجماعات الانسانية بل وبين أفراد المجتمع الواحد. بسبب أحادية الرؤية والتفكير المتعالي المنغلق المعرقل لمسار التنمية  والذي يجعل من كل اختلاف تشتيت للجهود وتفكيك للمجتمع وهدم لمرتكزاته.

من هنا تكتسب مساءلة حقيقة الاختلاف مشروعيتها، كمحاولة تفضي إلى الحوارية لا إلى المركزية المتعالية، بما يفضي إلى تعميق الاحساس بالأخر وضرورته كمكوّن وجودي يكمل الذات ويصون حدود اختلافاتها، من منطلق التعايش السلمي والاحترام المتبادل الذي يصون هويتها. وليس كما هو واقع في الجزائر والدول العربية أين ينتشر العنف والتعصب والعنصرية القاتلة بسبب اتجاه الخطابات بمختلف مرجعياتها الى الصراع بدل الحوار وتقبل البدائل، الأمر الذي سهل اختراق الآخر (الغرب) لنا. بهذا الطرح تتضح أهمية الاختلاف  والآخر كضرورة وجودية بعيدة عن نظرة الانتقاص والتضخيم له من قبل الذات. كما يفعل الغرب اتجاهنا مما يكرس صداما بين الحضارات بدل الحوار.

لذلك نجد الباحثة تنتصر لما أجمله طه جابر العلواني من إيجابيات الاختلاف وهي:

أ- أنه يتيح ـ إذا صدقت النوايا ـ التعرف على جميع الاحتمالات التي يمكن أن يكون الدليل رمى إليها بوجه من وجوه الأدلة.

ب- أنه رياضة للأذهان، وتلاقح للآراء، وفتح مجالات التفكير للوصول إلى سائر الافتراضات التي تستطيع العقول المختلفة الوصول إليها.

ج- تعدد الحلول أمام صاحب كل واقعة ليهتدي إلى الحل المناسب للوضع الذي هو فيه بما يتناسب ويسر هذا الدين الذي يتعامل مع الناس من واقع حياتهم[40].

ولكن الأمر ليس بالسهولة بما كان ذلك أن ثمة خطر يتمثل في الجاهزية كنتيجة مباشرة لنمط التفكير المتحيز، لخطابات الذات المتعالية، التي ترفض كل مغاير، وتؤسس لإدراك الحقائق في ضوء التنميطات الجاهزة غير القابلة للنقاش والمساءلة.

ولكن ما السبيل الى تحقيق الاختلاف؟

   تقدم الباحثة في مقالها المعنون" سؤال الحقيقة والوجود"[41] تمييزا بين الانسان العادي الذي يتعامل مع الوجود من منظور واحدي ومتجزئ ويتعامل مع الحدث بالوجوب لا بالاحتمال وبالتالي تفتقد قراءته الى العمق وتتسم بالسطحية والجاهزية والانفعالية بدل الفاعلية. من جهة، وبين الانسان العميق من جهة أخرى، ذلك الموجود الاستثنائي الرافض لكل ذلك وللذوبان في الغير والمناضل الباحث عن الوجود الحقيقي الأصيل من خلال خلق الأسئلة مما يفضي به إلى التعددية على مستوى الإجابات والأسئلة والترابط بفضل تعامله مع السؤال من منطلق الاحتمال لا الوجوب. وهو وحده القادر على ممارسة التأويل والنقد لأنه مفكر وفيلسوف وفاعل، يعيش في قلق دائم، ثائر لا يرضى بالواقع. لأن البحث عن المعنى تخلقه الحروب المتنوعة لأنها تتسم باللامعقولية. مهمته فهم المعنى وليس تفهمه، ولأن الوجود شظايا تتحرك بلاعقلانية، فإن الانسان العميق مدعو دائما لافتتاح سؤال الكون وتفكيك شفراته لإعادة المعقولية إلى سيرورة الأحداث وتكاملها. وبهذا يعيش خارج الجماعة وقيمها المتوارثة في حين يعيش الانسان العادي داخل أي جماعة بمنطق التآلف والاستمرارية عندما يذوب في الغير.

في مقالها عن التحيز[42] تحاول ان تقدم حلا بديلا لرفض ثقافة الاقصاء تجدد تمسكها بسلاح النقد لأنه الوحيد القادر على الكشف عن ايديولوجيا التمركز وتناقضاتها في خطابات الذات وخطابات الآخر على حد سواء. وعلى افساح المجال لهوية اختلافية تتقوى بنقد مزدوج للذات وللآخر، من خلال الحوار الدائم، والمساءلة النقدية الواعية التي تأبى الامتثالية وترى الاختلاف بديلا ضروريا للقضاء على ثقافة المطابقة وبهذا يغدو النقد هو الممارسة التي يمكن اعتبارها دعامة الاختلاف الشرعية، بمعنى يجعل معه خصائص الاختلاف تستمد من النقد الموجه للهوية من خلال حوار خصب مع الذات بعيدا عن القطيعة، بالكيفية التي مارسها فوكو ودولوز وليوتار وجوليا كريستيفا، قصد تجاوز جاهزية اليقين وثبات الهوية، واحلال حداثة جديدة وثقافة منفتحة على الآخر بالتفاعل والحوار والتواصل تجاوزا للتفكير بمنطق المثل والشبيه  وتحطيما لمنطق الهوية لصالح الانفتاح على الإمكان والتعدد، " فنحن نتحاور مع الآخر، لا لكي نشبهه أو نصير مثله، ولا لكي يشبهنا أو يصبح على شاكلتنا، بل لكي نكسر قوقعتنا ونتزحزح عن مركزيتنا، بحيث نختلف عما نحن عليه أو فيه قدرا من الاختلاف، بقدر ما نسهم في تغيير الآخر، وذلك بخلق وسط للتفاهم أو صيغة للتعايش أو مكان للتبادل أو إطار للبناء المشترك. هذا شأن الحوار الفعال، فمن مفاعيله التحول المتبادل بين أطرافه"[43]. وبهذا نسهم في خلق عالم منفتح على التعدد والتباين والتحاور. وهو ما يدعو إليه محمد عمارة في حديثه عن واقعنا الراهن بقوله:" هذا البؤس ناجم عن تقليد الحداثة، أو تقليد الموروث، لأننا يجب أن نحارب في جبهتين، جبهة الهيمنة الغربية وجبهة التخلف الموروث، وهاتان الجبهتان هما جناحا المعركة ضد المأزق الذي نحن فيه"[44]   

ثالثا: الأعمال الأدبية كتجسيد وتطبيق للمواقف الفكرية: النقد وممارسة التأويل على نصوص أدبية مختلفة( الشعر- القصة القصيرة - الرواية).

   ايمانا منها بأن الغرب قد اتقن لعبة اللغة اتجاهنا عندما صاغ الوعي العام العالمي بما يخدم صورة نمطية عن ثنائية الأنا/الآخر، مكنته منّا خطابيا قبل أن يسيطر علينا عسكريا وسياسيا، فإن التخلص من ذلك لن يكون إلا في الايمان " بحدود إمكاناتنا وبذواتنا من خلال فتح باب المساءلة والحوار واحترام الاختلاف بما يؤمّن عدم المساس بالحريات أو إلى التحجر الذي يفضي إلى نوع من الارتماء على الآخر والذي في نهايته يؤدي إلى إحساسنا بالاغتراب"[45]. وهو ما تنشده في كتاباتها وتناضل من أجله من خلال أنشطتها العلمية والأكاديمية فقد جاء في افتتاحية مجلة " جيل للدراسات الأدبية والفكرية " التي ترأس هيئة تحريرها:" حاول العدد الأول... أن يبتعد عن الانتقائية الايديولوجية المفرطة ليؤسس حوارية تحتفي بكل التموضعات الخطابية، على اختلافها... توضح أكثر في تعدد الأقطار، إذ انتفى مع طاقمها العلمي وكذا مع المساهمين في العدد كل تمركز يقضي على المغايرات... مسايرة  للخط العام الذي يسير عليه مركز جيل البحث العلمي، والمتمثل في جيل علمي نوعي يطرح جانبا كل الخلافات المفتعلة ويرحب بالاختلافات من باب التعدد والتجاور والتنوع والتي كلها تفضي الى الاستفادة والى خلق حوارية معرفية راقية "[46].   

 وقد جاء كتاب الباحثة الموسوم بـ" تعالقات النص وانفراط الهوية " كمحاولة تطبيقية لتجسيد أفكار هذه الأطروحة، فقد حوى نماذج منتقاة من مجموعة مقالات مارست فيها النقد على نصوص متنوعة ومتعدّدة في مجالي الشعر والرواية العربية، محاولة منها لفتحها على الإمكانات المختلفة التي تحيل اليها القراءة النقدية بمنطق الاختلاف والاحتفاء بالتعدد.[47]

فقد رصدت محاولات شعرية وقصصية في الحراك العربي والجزائري بالخصوص للوقوف على امكاناتها اللغوية باعتبارها عاكسة لإمكاناتها الوجودية، وبحثا فيها عن المغاير والمختلف تأكيدا على أنه " لا وجود لهوية لغوية أو ابداعية واحدة، وبالتالي لا وجود لنموذج مكتمل يدعي أنه وصل إلى أعلى درجات الأدبية"[48]. فكل هوية ابداعية برأيها تسعى لتمثل محددات لغوية ونصية بعد استفادتها من مرجعيات دينية وثقافية واجتماعية مختلفة.  

إذن كان لزاما الاشتغال على عينات معينة ولاعتبارات خاصة بدلالة العنوان والموضوع ارتأت الباحثة أن تخصص الفصل الأول للأدب السقهراسي والثاني للأدب الجزائري، بينما الثالث كان للأدب العربي، وقد كان هاجسها في ذلك مقاربة الاشكال التالي: ما مدى خرق النص الأدبي المعاصر لسلطة المعايير القبلية على اختلافها؟، ثم كيف تسعى كل هوية نصية لخلق نمط لغوي محدد بأبعاد ايديولوجية محددة مهما ادعت من حياد؟[49] 

تعتقد الباحثة أنها ومن خلال رصدها لعلاقة الهوية باللغة والنص، أن هذه النصوص تبحث عن انواجدها الأصيل بين امكانات لغوية متعددة من خلال كسر سلطة المعايير عن طريق التحايل على النسق المهيمن بالهروب عن الرقيب الثقافي والاجتماعي والسياسي، في سبيل انشاء هوية ابداعية جديدة متحررة احتفاء بالتداخل والحوارية رغم واقعها السياسي والسوسيوثقافي الموبوء، حيث يحضر الألم والوجع واللغة القلقة والارتباك  الوجودي.[50] وبرأيها فإن " كل نص هو استجماع للألم العربي، فمع الصراع العربي الاسرائيلي وغزة الموجوعة ومع حرب العراق والثورات العربية... ومع كل التحولات الطارئة في عالم اليوم سعى الخطاب الأدبي لتمثل هذه التوترات وتمثلها ابداعيا لكن بكسر كل المعايير القبلية والاحتفاء بالاعتراف" وهو ما شكل في نظرها ثورة على كل منجز قبلي أو قيمة متوارثة حتى في النصوص ذات النمط الكلاسيكي[51] انتصارا لوعي أدبي جديد أساسه الحوارية المنفتحة على الاعتراف بالآخر والمغاير. إذ تعتقد الباحثة أن " الزمن المعاصر قدم صورا مختلفة للتعدد والتجاور والتحاور، حيث انتفاء المركزيات وخلخلة المتعاليات أفضى الى تقبل كل المتاحات على اختلافها، وقد كان الفيس بوك من بين الوسائل الرقمية التي شكل ظهورها ثورة على السائد مهما اختلفت تموضعاته، حيث أسهم في تغيير الوعي نحو تقبل المتاحات التكنولوجية وما تطرحه من نصوص أدبية ومن خطابات سياسية واجتماعية واقتصادية "[52].

خاتمة:

يمكننا القول بعد استعراضنا لبعض منجزات غزلان هاشمي أن كتاباتها في الأساس تتمحور حول خطاب يدعو الى الانفتاح على الامكانات المتعددة التي يمكن أن يحيل إليها كل خطاب وبالتالي الانفتاح والاعتراف بالآخر والمغاير بعيدا عن منطق الهوية وأحادية المعنى والانغلاق على الذات وتقديسها، وأن السبيل إلى ذلك لن يكون إلا بممارسة القراءات التأويلية والنقدية للذات وللآخر على حد سواء.

   ويمكننا القول أيضا أنها حاولت أن تقدم قراءات من هذا النوع لمجموعة من النصوص الأدبية العربية والجزائرية المعاصرة.

كما يمكننا تسجيل أن كتاباتها قد جاءت متنوعة تهتم بالعديد من القضايا الوطنية والعربية والاسلامية على مختلف الأصعدة والمستويات الأدبية والفكرية، الاجتماعية والسياسية[53]، وأنها عند اشتغالها على هذه النصوص لم تنحاز في اختياراتها وتحليلاتها لقضايا بعينها كأن تهتم بما هو نسوي مثلا أو أن ترفضها على أساس أن مرجعيتها ذكورية، وإنما حاولت جهدها أن تقدم قراءات تتحرى فيها الأكاديمية بقدر ما تتطلبها من موضوعية.

   هكذا إذن يمكننا القول تبعا لذلك أن كتاباتها لم تكن أبدا رد فعل منفعل على كتابات أخرى تحكمها هيمنة ذكورية، بل كانت كتاباتها ابداعية أصيلة، تحكمها هواجس الحوارية الفعالة المؤسسة للفكر النقدي الحر، وبالتالي كان الدافع اليها معرفيا خالصا والقصد إلى ابداع ما هو مغاير ومختلف للمساعدة على النهوض براهننا المعاش، المنغلق والمتقوقع على خطابات منغلقة تشكل البيئة الحاضنة لكل هذا العنف الذي يحيط بنا من كل ناحية والذي تغذيه خطابات لا تحظى بممارسة نقدية كفيلة بكشف حمولتها الايديولوجية، باختلاف انواعها.    

         

----------------------------

قائمة المصادر

 

[1] ناقدة جزائرية وأستاذة الأدب المقارن بجامعة سوق أهراس  

[2] تذهب الباحثة إلى أن النص الفيسبوكي عمل على بناء هوية ابداعية مغايرة تتحلل من سلطة الأجناسية والمعيارية الحادة حتى تصبح ضربا من الخبط العشوائي وانتفاء المعيارية... حيث السعي الى اختراق المعايير الأدبية أفضى الى بناء نص ابداعي مشكل من عدة عوالم واعتبارات زمكانية تغيّب الوعي بتلازمية التنسيق والتمايز حتى تحس الذات أنها ازاء كرنفالية أو حوارية متعددة، وقد ساهمت العوالم الموازية ومجتمعات النت في ظهور نمط المثقف الفوري/ المتعدد، الذي يفكر في كل راهنية واقعية مهما اختلفت مواضيعها وتشابكت خلفياتها، ليكون المثقف/ الصحفي/ المحلل الاجتماعي/ السياسي/ الأديب/ الرياضي، بديلا عن المثقف التقليدي، بسبب سرعة المعطى الثقافي/ السياسي، وسرعة الالتقاط والتلقي، حيث هذه الشبكات التواصلية احتواء لكل الأذواق على اختلافها، واحتفاء بكل المنجزات على تراتبية قيمتها. أنظر: هاشمي غزلان، النص الفيسبوكي ملامحه ومميزاته، مجلة فكر الثقافية، فصلية تفاعلية،  العدد 5 ، نوفمبر2013/يناير2014، الرياض، ص7  

[3] هاشمي غزلان، تعارضات المركز والهامش - عبد الله ابراهيم أنموذجا- ، دار نيبور، العراق، ط.1، 2013.

[4] هاشمي غزلان، تعالقات النص وانفراط الهوية -  قراءة في النص الأدبي العربي- ، دار تموز، دمشق، ط.1، 2012.

[5] أنظر: هاشمي غزلان، تعارضات المركز والهامش (م. س)، ص، ص، 14- 15.

[6]  ناريا أومان ، ساندرا هاردنغ، نقض مركزية المركز، تع، يمنى طريف الخولي، ج. 1، عالم المعرفة،عدد.395، الكويت، 2012، ص. 8

[7] المصدر الأسبق، ص، 16.

[8] أنظر: هاشمي غزلان، تعارضات المركز والهامش (م. س)، ص،8

[9] المصدر نفسه ، الموضع نفسه.

[10] أنظر: المصدر نفسه ، الموضع نفسه.

[11] نقلا عن هاشمي غزلان، التحيز الأيديولوجي في التمثيلات الخطابية الغربية، قضية شهر نوفمبر 2011، مركز أسبار للدراسات والبحوث والاعلام، المملكة العربية السعودية  http://www.asbar.com//ar/monthly-issues/1097.article.htm

[12] المرجع نفسه

[13] نقلا عن هاشمي غزلان، المرجع نفسه

[14] المرجع نفسه

[15] المرجع نفسه

[16] المرجع نفسه

[17] هاشمي غزلان، تعارضات المركز والهامش (م. س)، ص8

[18] المصدر نفسه، الموضع نفسه

[19] المصدر السابق، ص. 8

[20] ناريا أومان ، ساندرا هاردنغ، نقض مركزية المركز، (م. س)، ص. 8

[21] هاشمي غزلان، تعارضات المركز والهامش (م. س)، ص.57

[22] المصدر نفسه، ص، ص.57 - 59

[23] هاشمي غزلان، التحيز الأيديولوجي في التمثيلات الخطابية الغربية، (م. س)

[24] زرفاوي عمر عبد الحميد، قراءة الراهن الثقافي، دار قرطبة، الجزائر، ط 1، 2006، ص 19

[25] المرجع نفسه، ص 21

[26] المرجع نفسه، ص 20

[27] قدمت الباحثة عشرات المقالات عبر صفحات المجلات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ، وتعترف بفضلها في التعريف بإنتاجاتها وبها  كباحثة عانت كغيرها من الشباب العربي من التهميش والاقصاء.

[28] زرفاوي عمر عبد الحميد، قراءة الراهن الثقافي،( م. س)، ص، 21

[29] أنظر: هاشمي غزلان، تعارضات المركز والهامش (م. س)، ص.59

 أنظر أيضا: هاشمي غزلان، التحيز الأيديولوجي في التمثيلات الخطابية الغربية، (م. س)

[30] أنظر: هاشمي غزلان، تعارضات المركز والهامش (م. س)، ص، ص،. 60 - 61

[31] المصدر نفسه، ص. 62

[32] طارق البشري ، ندوة الحداثة وما بعد الحداثة، جمعية الدعوة الاسلامية العالمية، القاهرة، 13/03/1998، ص. 44

[33] أنظر: المصدر الأسبق، ص، ص، 63 - 64

[34] أنظر: هاشمي غزلان، تعارض المركز والهامش، (م. س)، ص، ص، 65 - 66  

[35] أنظر: المصدر نفسه، ص،66

[36] هاشمي غزلان، التحيز الأيديولوجي في التمثيلات الخطابية الغربية، (م.س)

[37] طارق  البشري، ندوة الحداثة وما بعد الحداثة، (م. س)، ص. 45

[38] أنظر: هاشمي غزلان، تعارض المركز والهامش، (م. س)، ص، ص، 176 - 178  

[39] أنظر: هاشمي غزلان، الاختلاف بين انتفائية المركز والكونية الجديدة أو مأزق الحوارية المتعددة، مركز الأصالة للدراسات،

 http://assala-dz.net/ar/?p=3355

[40] هاشمي غزلان، الاختلاف بين انتفائية المركز والكونية الجديدة أو مأزق الحوارية المتعددة، (م. س)

[41] هاشمي غزلان، سؤال الوجود والحقيقة، أصوات الشمال، http://aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=18768

[42] هاشمي غزلان، التحيز الأيديولوجي في التمثيلات الخطابية الغربية، (م.س).

[43] المرجع نفسه.

[44] محمد عمارة، ندوة الحداثة وما بعد الحداثة، جمعية الدعوة الاسلامية العالمية، القاهرة، 13/03/1998، ص. 27

[45] المرجع الأسبق.

[46] هاشمي غزلان، مجلة جيل للدراسات الأدبية والفكرية، مجلة علمية دولية محكمة، مركز جيل البحث العلمي، طرابلس، لبنان، العدد الأول ديسمبر/ كانون الأول 2013، ص. 7

[47] أنظر:هاشمي غزلان، تعالقات النص وانفراط الهوية، قراءة في النص الأدبي العربي، (م. س)، ص،19

[48] المصدر نفسه والموضع نفسه.

[49] المصدر نفسه، ص، 20

[50] المصدر نفسه، ص،  299

[51] المصدر نفسه والموضع نفسه.

[52] هاشمي غزلان، النص الأدبي الفيسبوكي ملامحه ومميزاته،(م. س)، ص. 7

[53] قدمت الباحثة غزلان هاشمي  قراءات نقدية لنصوص شعرية وأخرى سردية متنوعة على غرار، حرب غزة واسترجاع اللغة، شهرزاد وبوحها المستعار، ليلى ومحاورة الموروث، أنثروبولوجيا النص الأدبي، إغضب يا عراق وثورة اللغة، من غير اللغة شكل النص ... وغيرها ، للاطلاع أكثرأنظر: أنظر:  هاشمي غزلان، تعالقات النص وانفراط الهوية، قراءة في النص الأدبي العربي،(م. س).

فلسفة و ثقافة

علوم اجتماعية

علوم انسانية

أدب و ترجمة